عصر مختارولد طه حسين عام 1889 وفى نفس العام ولد عباس محمود العقاد وكان ميلاد
المازنى عام 1890 ثم ولد محمود مختار والرسام يوسف كامل 1891 بينما ولد سيد درويش
والرسامان محمد حسن وراغب عياد 1892 وكان ذلك فى ظل الاحتلال الانجليزى لمصر الذى
بدأ عام 1882.
الى هذا الجيل ينتمى مصطفى عبد الرازق وحسين هيكل ومحمود عزمى واحمد ضيف
واحمد صبرى ومجموعة المثقفين الذين تخصصوا فى القانون والطب والهندسة والعلوم،
وتألق كل منهم فى ميدانه..
كلهم ولدوا فى الريف ثم انتقلوا الى العاصمة، وتفاعلت مفاهيمهم الشرقية
بمناهج الفكر والحضارة الأوروبية، وكانت هناك روح واحدة تجمعهم واحساس مشترك يقرب
بينهم، لم يلبث ان تبلور فى الدعوة الى احياء المجد القديم وبعث الروح فى الشعب
المصرى مع الاعتزاز والشغف بالآثار والدعوة الى الاستقلال والتحرر من الاحتلال
الاجنبى، مهد لها شعر شوقى وحافظ ومطران، ثم خطب الزعماء السياسيين "مصطفى كامل"،
"محمد فريد"، "سعد زغلول" الذى تزعم ثورة 1919 الوطنية فى مصر.
هذا هو عصر "مختار".. عصر النهضة بمثله العليا وتطلعه واشراقه، تبلورت
مطالب العصر فترددت فى اعماله الفنية، ولاح فى تماثيله الأمل والاصرار والكبرياء
كأنعكاس لصورة العصر، وترجمة لكيانه الفكرى والسياسى، مجسماً فى رموز تشكيلية جعلته
واحداً من زعماء ثورة مصر الوطنية بعد الحرب العالمية الأولى.
وتعتبر حياة مختار نموذجاً فى الكفاح له دلالات عميقة، فهو أحد القلائل
الذين حققوا لبلده ذاتية قومية، وردوا اليه الثقة فى نفسه، فكان أثره فى مجال
الفنون كأثر الشيخ محمد عبده فى مجال الاصلاح الاجتماعى، وأثر سعد زغلول فى مجال
الزعامة السياسية وأثر طلعت حرب فى المجال الاقتصادى، وأثر الدكتور طه حسين فى
المجال الفكرى والفلسفى.